بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : إليكم هذه القصة من قصص الماضي , وهي من القصص العطرة التي عطرتها عذرية النفوس وأصالة السابقين , وتعود لشخص لم يذكر اسمه ولا اسم زوجته ولا من لأي القبائل ينتمون , المهم أنها لرجل كان متزوج وأنجبت له زوجته الأولى أولاداً أكبرهم اسمه زيد ثم توفيت فتزوج للمرة الثانية من إمرأة أخرى . وبعد فترة من زواجه بدأ يساوره الشك أن زوجته لا تحبه ولم يكن هذا الشك مبنيا إلا على أوهام من وحي خياله . صورها له شعوره .وقد كانت المرأة لا تحدثه إلا نادرا كما أنه لم يرها تضحك أو تبتسم أمامه مطلقا . على هذا الإحساس اعتقد أن لها رغبه برجل غيره من قبل أن ترتبط به . وقد سبب له هذ ا الشك قلقا وحيرة . لم يتبددا إلا بعد اللجوء إلى إمرأة عجوز . أخبرها بأمر زوجته . وخوفه أنها لا تحبه وطلب منها طريقة يتأكد بها من مشاعر زوجته . فقالت : له العجوز عليك أن تصطاد أفعى وتخيط فمها وتضعها فوق صدرك أثناء نومك وعند ما تحاول زوجتك إيقاظك إصطنع الموت , وفعل مثلما أمرت به العجوز , حينما جاءت زوجته لتوقظه من النوم لم ينهض أو يتحرك , وعندما رفعت الغطاء ورأت الأفعى ظنت أنها لدغته وقد توفي , فأخذت تصرخ . وتنادي على ابنه من زوجته الأولى زيد ويقال : أنها أثناء حالة الذهول التي أصابتها قالت هذه القصيده :
يا زيد رد الزمل با أهل عبــرتي
= على أبوك عيني ما يبطل هميلها
أعليت كم من سابق قد عثرتها
= بعـود القـنا والخيل عجل جفيلهـا
وأعليت كم من هجمه قد شعيتها
= صباح وإلا شـعـتها من مقيلهـــا
وأعليت كم من خفرة في غيا الصبا
= تمناك يا وافي الخصـايل حليلهــا
سقاي ذود الجار لا غاب جارها
= وأخو جارته لا غاب عنها حليلــها
لا مرخى عينه يطالع لزولها
= ولا سايل عنها ولا مسـتســيلــهـا
وبعد أن سمع الزوج هذه القصيدة تأكد من مشاعر زوجته وعرف مدى الحب الذي تخفيه حياءا لا أكثر . نهض من فراشه فرحا ليبشرها بأنه لم يمت . لكن الزوجه توارت حياءا لأنها كشفت عن مشاعرها . وكإمراة بدوية عادة تخجل من البوح بمشاعرها بهذه المباشرة وهكذا حين عرفت أن الأمر ليس أكثر من خدعة لإختبارها فقد أقسمت بأن لا تعود إليه إلا بشروط وهي : أن يكلم الحجر الحجر وأن يكلم العود العود وهي تقصد إستحالة العودة إليه مرة أخرى وقد أسقط بيده . وأصبح في حيرة أكبر أو مثلما يقال ( بغى يكحلها وعماها ) ولم يجد أمامه إلا العجوز صاحبة الفكرة الأولى ربما تجد له مخرجا من ورطته . وبالفعل كانت العجوز من الذكاء بحيث قالت له : أحضر ( الرحى ) والرحى معروفة تستعمل في طحن الحبوب وهي تطلق صوتاْ عند استخدامها وعادة ما تجاوبها النساء بالغناء هذا عن الحجر , أما العود فذكرت له الربابة . وأضافت إذا كان لزوجتك رغبة بك فستعود إليك وفعلاْ عادت له زوجته بهذه الطريقة .